الثلاثاء، 21 فبراير 2012

امتلك قطعة من الحياة






هيا يا صديقي أحضر ورقة وقلم ، وتعال كي تكتب نعيك. !

أدري أنه مطلب شؤم ، لكن المغزى منه جد مهم. !

أحد الصالحين كان يجلس في حفرة ويقول ) رب ارجعون لعلي أعمل

صالحا ( ، ثم ينهض قائلاً لنفسه : ها قد عدت ، فأرنا ماذا تفعل ؟. !

إنه يقوم بتمثيل دور المحتضر ، القادم على ربه بصحيفة عمله.

والمحتضر يمر على ذهنه حال احتضاره شريط حياته ، فيود صادقا تغيير

أحداث ومواقف ، ويأمل في أن يضيف لمشواره إضافات أخرى أكثر قوة



وخيرية ونُبل.

إستطاع الروائي غابريل ماركيز ، أن يعبر عن هذا المعنى جليا بعدما

اكتشف إصابته بالمرض اللعين وشعر بظلال الموت تزحف لتنهي حياته

الحافلة

فكتب على موقعه على شبكة الانترنت رسالة موجهة إلى قرائه قال فيها

: آه لو منحني الله قطعة أخرى من الحياة ! ،

لاستمتعت بها ولو كانت صغيرة أكثر مما استمتعت بعمري السابق

الطويل ، ولنمت أقل ، ولاستمتعت بأحلامي أكثر ، ولغسلت الأزهار

بدموعي ،

ولكنت كتبت أحقادي كلها على قطع من الثلج ، وانتظرت طلوع الشمس

كي تذيبها ، ولأحببت كل البشر.

ولما تركت يوما واحدا يمضي دون أن أبلغ الناس فيه أني أحبهم ،

ولأقنعت كل رجل أنه المفضل عندي .



كانت هذه قارئي الحبيب نصيحة رجل وقف على حافة الموت ، يتمنى أن

يعود بقدميه للخلف كي يقتنص قطعة أخرى من الحياة ،

وما أريده منك الآن أن تبصر بوضوح أن أمامك قطعة من الحياة تستطيع

أن تفعل فيها الكثير .

عندما أطالبك بأن تكتب نعيك أريدك أن تكون أكثر وضوحا لما تريده من

حياتك المستقبلية .

أكثر استفادة من تجارب الآخرين وخبراتهم . أقل أخطاء وعثرات.

وتصور أن أولادك مثلا بعد ثلاثون عاما سيجلسون لكتابة نعيك ، ما

الذي تود أن يكتبوه فيه ؟.





هل يكتبوا اسمك فحسب ، نظرا لأن حياتك لم يكن فيها ما يميزها ؟.

أم أنه سيكتب في النعي صفة رنانة ( المربي الفاضل ، رائد العمل

التطوعي ، رجل الأعمال الخلوق . (

لا تخرج من الحياة يا صديقي كما دخلتها ، صفراً من الإنجاز والتقدير.

أمير الشعراء ( شوقي ) يلهب حماستك أن ) آن رجلاً إذا أتوا من بعده

يقولون مر .. وهذا الأثر . (.





فأين أثرك الذي يدلل عليك ، أين معالم إنجازك ، وملامح عظمتك ؟ .

و أسفاه على امرء ينظر إلى سنين عمره وقد طوتها الأيام طياً ، بلا

إنجاز يذكر ، أو فعل يخلده .

قم الآن قارئي الحبيب وأحضر ورقة بيضاء ، واسأل الله أن يهبك العمر

المديد والعمل الصالح ، واكتب نعيك بنفسك ،

وتعهد لذاتك بأن تحقق ما اخترته ليكون عملك الخالد الباقي.

انظر إلى آخر الطريق ، قبل أن تجد السير فيه ، وأتح لنفسك الفرصة كي

ترى المستقبل ماثلا بوضوح أمامك ،

وتذكر دائما قول خالقك ) ولتنظر نفس ما قدمت لغد. (







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق